حكم الاحتفال بالمولد النبوي

حكم الاحتفال بالمولد النبوي

بسم الله و الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه ، واقتفى أثره واتبع هداه ،
وبعد :

1- فإن محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم فريضة واجبة لا يتحقق الإيمان بدونها :
عن أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين ) ( رواه البخاري ومسلم ) .
وعن عبد الله بن هشام : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب فقال له عمر : يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا نفسي فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك) . فقال له عمر : فإنه الآن لأنت أحب إلي من نفسي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الآن يا عمر) (صححه الألباني في فقه السيرة صفحة 198 الطبعة السابعة دار القلم ).
2- ليس المقصود المحبة الجبلية العاطفية : فالمحبة العاطفية غاية أمرها أنها مباحة لا ثواب فيها ولا عقاب لذاتها ، فكم أحبه قوم هم - الآن – في النار ! ألا تذكر محبة أبي طالب له؟! ألا تذكر محبة بني هاشم الذين حصروا معه في الشعب ثلاث سنين مؤمنهم وكافرهم؟! والسبب أنها محبة قومية عاطفية جبلية غريزية !
3- وإنما المقصود بالمحبة التي هي أصل الإيمان به : المحبة الشرعية والتي معناها تقديم مراده على مراد غيره ، وتقديم أمره على أمر غيره ، وتقديم نهيه على نهي غيره - صلى الله عليه وسلم -كائنًا من كان (قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) (التوبة : 24) .
4- ثمرة هذه المحبة ونتيجتها التي لا تتخلف عنها : الاتباع كما قال الله تعالى :
(قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ والله غفور رحيم ) (آل عمران 31)
تعصي الرسول وأنت تظهر حبه هذا لعمري في القياس شنيع
لو كان حبـك صـادقًا لأطعته إن المـحب لمن يحب مطيع
5- أكمل الناس محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيمًا وتوقيرًا وإجلالًا هم أصحابه -رضي الله عنهم- الذين اختارهم الله لصحبته ووزارته وخلافته كما قال تعالى: ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ )وقال : ( لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ) وقال : ( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ ) وشهد بذلك من رآهم مع نبيهم عليه الصلاة والسلام . كما قال عروة بن مسعود الثقفي لقريش ( يا قوم والله لقد وفدت على كسرى وقيصر والملوك فما رأيت ملكًا يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمدًا والله ما يحدون النظر إليه تعظيمًا له ) .
6- أعظم الناس محبة لنبينا صلى الله عليه وسلم بعدهم التابعون لهم بإحسان قال عليه الصلاة والسلام ( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ) (متفق عليه ) .
7- إذا علمنا ذلك وتأملناه جيدًا فاسأل نفسك هذا السؤال :
س : هل احتفل أولئك الأخيار بمولد النبي المختار ، في الليل أو في النهار ، بمزمار أو بغير مزمار ؟؟
وأجيبك : لقد اتفق الجميع على أن ذلك لم يقع لا في زمنه ولا في زمن أصحابه ولا في القرون المفضلة ولا فعله أبو حنيفة ولا مالك ولا الشافعي ولا أحمد - رحمة الله عليهم - بل لم ينقل عن صحابي واحد تاريخ ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم ؟ !
8- ثم تساءل : هل كان ثمة مانع منعهم ؟
والجواب : بل تركوه ولا مانع يمنعهم من فعله قطعًا .
لعلك تقول : لعل مقتضاه لم يقم في زمنهم ؟
والجواب : المقتضى وهو كمال المحبة في قلوبهم ، وكمال الحرص على التقرب إلى الله بكل القُرَب ؛ موجود في قلوبهم كالجبال الراسيات ! ومع ذلك تركوه .
أخي ألم يأن لك أن تبصر الحق ؟ شيء قام مقتضاه في زمن النبي وأصحابه ولم يمنع من ذلك مانع ، ومع كل ذلك أطبقوا على تركه فهل فيه خير ؟ ! ألست معي أنه لو كان خيرًا لسبقونا إليه ؟! لاسيما وهم أعمق الأمة علمًا وأحرص الأمة على الخير ممن جاء بعدهم .

9- أخي المسلم استمع بقلبك :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) (متفق عليه) وقال : (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) ( رواه مسلم ) وقال : (ما تركت شيئا يقربكم إلى الله إلا ودللتكم عليه) صححه الألباني في التوسل .
10- ألا تعلم أن أول من أحدث أعياد ميلاد للأنبياء هم النصارى ؟ ألا تعلم أن أول من احتفل بالمولد النبوي هم الروافض العبيديون ! أترضى أن تحشر في زمرة هؤلاء ؟ وهل ترضى أن يكون سلفك الشيعة والروافض بل والنصارى ؟ !
لعلك تقول : صام النبي يوم الاثنين وقال ( ذاك يوم ولدت فيه ) .
وأجيبك : نعم على العين والرأس ! سنة نبوية لا بدعة خلفية ، صيام يوم الاثنين من كل أسبوع ، من كل شهر ، من كل عام ! فهل خصص الثاني عشر من ربيع الأول بشيء بل هل ولد في ذلك التاريخ أصلًا ؟ !!
وهل جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المولد علة مستقلة صام لأجلها ؟
والجواب : كلا ، بل قال ( ولدت فيه وأنزل علي فيه ) فهلم لنصم يوم الإثنين من كل أسبوع وفي ذلك إحياء لسنته حقًّا ، وزيادة في درجاته صدقًا ، فإن له أجر كل عبادة شرعية يقوم بها مسلم ؛ لأنه دعا إليها ومن دعا إلى هدى كان له مثل أجور من تبعه إلى يوم القيامة لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا .
11- أخيرًا لعلك تقول : هي بدعة ولكنها حسنة !
وأدع الجواب لسيد الأنبياء – صلى الله عليه وسلم – حيث يقول :
( كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ) (السلسلة الصحيحة 2735)
12- فإن قلت : قال عمر : نعمت البدعة هذه ! .
فالجواب : البدعة التي قصدها عمر إنما هي جمع الناس على صلاة التراويح وقد ثبت في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم فعلها !
فثبت قطعًا أنها سنة . وإنما سماها عمر بدعة من حيث اللغة ، لأن الصديق لم يفعلها ففاز بإحيائها عمر رضي الله عنهما .

قال ابن عمر : كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة !
13- فإن قلت وماذا في الاحتفال بالمولد النبوي ؟
فالجواب : فيه أمور خطيرة جدًّا ومنها :
1- أنك متهم للدين بأنه لم يكتمل حتى كمله الروافض بهذه البدعة ،
وقد قال تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) .
2- أنك متهم لنبيك بالخيانة : كما قال مالك - رحمه الله – ( من ابتدع بدعة وهو يرى أنها حسنة فقد زعم أن محمدًا خان الرسالة ثم قرأ (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) فما لم يكن يومئذ دينًا فلا يكون اليوم دينًا ) .
3- أنك متهم للصحابة – رضي الله عنهم – بالتقصير في حقه -عليه الصلاة والسلام- حيث لم يحتفلوا ولو مرة واحدة بذلك ، بل متهم للسلف جميعًا ، متبع للروافض في ذلك ، أو متهم لهم بالجهل ، حيث علم المتأخرون ما خفي على المتقدمين من هذا العمل الجليل ، فأنت تدور بين ضلالتين !!
4- بل أنت متهم لرب العالمين - سبحانه - بالنسيان حيث لم يشرع في القرآن ولا في السنة شيئًا من ذلك ( وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ) .
5- أنك متهم لربك بإقرار الأمة في هذه القرون الفاضلة على التقصير في حق نبيه صلى الله عليه وسلم !!
أخي المسلم اتق الله :
ودع عنك هذه البدعة ، وجميع أنواع المشاركة فيها ؛ إن كنت تحبه صدقًا فعليك بتعلم شريعته ونشر دعوته إلى التوحيد ونشر سنته كلها ومحاربة البدع التي حاربها ، فمقتضى الشهادة بأنه رسول الله تصديقه فيما أخبر وطاعته فيما أمر وترك ما نهى عنه وزجر وألا يعبد الله إلا بما شرع لا بالأهواء والبدع . ( وَلَوْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا . وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا . وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا )
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين .
وكتبه فضيلة الشيخ :
أبو طارق محمود بن محفوظ
رابط الموقع(http://mahfoouz.com/index.html )

__________________________

حكم الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم(الشيخ بن باز رحمه الله تعالي)

والقيام له في أثناء ذلك ،
وإلقاء السلام عليه ،
وغير ذلك مما يفعل في الموالد .

والجواب أن يقال :
لا يجوز الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا غيره ؛ لأن ذلك من البدع المحدثة في الدين ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعله ، ولا خلفاؤه الراشدون ، ولا غيرهم من الصحابة ـ رضوان الله على الجميع ـ ولا التابعون لهم بإحسان في القرون المفضلة ، وهم أعلم الناس بالسنة ، وأكمل حباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومتابعة لشرعه ممن بعدهم .
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " ، أي : مردود عليه ، وقال في حديث آخر : " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة " .
ففي هذين الحديثين تحذير شديد من إحداث البدع والعمل بها .
وقد قال الله سبحانه في كتابه المبين : ( ومآ ءاتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) ( سورة الحشر : 7 ) ، وقال عز وجل : ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ) ( سورة النور : 63 ) ، وقال سبحانه : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً ) ( سورة الأحزاب : 21 ) ، وقال تعالى : ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم ) ( سورة التوبة : 100 ) ، وقال تعالى : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ) ( سورة المائدة : 3 ) .
والآيات في هذا المعنى كثيرة .
وإحداث مثل هذه الموالد يفهم منه : أن الله سبحانه لم يكمل الدين لهذه الأمة ، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يبلغ ما ينبغي للأمة أن تعمل به ، حتى جاء هؤلاء المتأخرون فأحدثوا في شرع الله ما لم يأذن به ، زاعمين : أن ذلك مما يقربهم إلى الله ، وهذا بلا شك فيه خطر عظيم ، واعتراض على الله سبحانه ، وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم ، والله سبحانه قد أكمل لعباده الدين ، وأتم عليهم النعمة .
والرسول صلى الله عليه وسلم قد بلغ البلاغ المبين ، ولم يترك طريقاً يوصل إلى الجنة ويباعد من النار إلا بينه للأمة ، كما ثبت في الحديث الصحيح ، عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما بعث الله من نبي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم ، وينذرهم شر ما يعلمه لهم " رواه مسلم في صحيحه .
ومعلوم أن نبينا صلى الله عليه وسلم هو أفضل الأنبياء وخاتمهم ، وأكملهم بلاغاً ونصحاً ، فلو كان الاحتفال بالموالد من الدين الذي يرضاه الله سبحانه لبيَّنه الرسول صلى الله عليه وسلم للأمة ، أو فعله في حياته ، أو فعله أصحابه رضي الله عنهم ، فلما لم يقع شيء من ذلك علم أنه ليس من الإسلام في شيء ، بل هو من المحدثات التي حذر الرسول صلى الله عليه وسلم منها أمته ، كما تقدم ذكر ذلك في الحديثين السابقين .وقد جاء في معناهما أحاديث أُُخر ، مثل قوله صلى الله عليه وسلم في خطبة الجمعة : " أما بعد : فإن خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل بدعة ضلالة " رواه الإمام مسلم في صحيحه .
والآيات والأحاديث في هذا الباب كثيرة .
وقد صرح جماعة من العلماء بإنكار الموالد والتحذير منها ؛ عملاً بالأدلة المذكورة وغيرها .
وخالف بعض المتأخرين فأجازها إذا لم تشتمل على شيء من المنكرات ؛ كالغلو في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكاختلاط النساء بالرجال ، واستعمال آلات الملاهي ، وغير ذلك مما ينكره الشرع المطهر ، وظنوا أنها من البدع الحسنة .
والقاعدة الشرعية : رد ما تنازع فيه الناس إلى كتاب الله ، وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم .
كما قال الله عز وجل : ( يآأيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً ) ( سورة النساء : 59 ) ، وقال تعالى : ( وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ) ( سورة الشورى : 10 ) .
وقد رددنا هذه المسألة ـ وهي الاحتفال بالموالد ـ إلى كتاب الله سبحانه ، فوجدنا يأمرنا باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به ويحذرنا عما نهى عنه ، ويخبرنا بأن الله سبحانه قد أكمل لهذه الأمة دينها ، وليس هذا الاحتفال مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، فيكون ليس من الدين الذي أكمله الله لنا وأمرنا باتباع الرسول فيه ، وقد رددنا ذلك ـ أيضاً ـ إلى سنة الرسول صلى الله عليه وسلم فلم نجد فيها أنه فعله ، ولا أمر به ولا فعله أصحابه رضي الله عنهم ، فعلمنا بذلك أنه ليس من الدين ، بل هو من البدع المحدثة ، ومن التشبه بأهل الكتاب من اليهود والنصارى في أعيادهم .
وبذلك يتضح لكل من له أدنى بصيرة ورغبة في الحق وإنصاف في طلبه أن الاحتفال بالموالد ليس من دين الإسلام ، بل هو من البدع المحدثات التي أمر الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم بتركها والحذر منها .
ولا ينبغي للعاقل أن يغتر بكثرة من يفعله من الناس في سائر الأقطار ، فإن الحق لا يعرف بكثرة الفاعلين ، وإنما يعرف بالأدلة الشرعية ، كما قال تعالى عن اليهود والنصارى : ( وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ) ( سورة البقرة : 111 ) ، وقال تعالى : ( وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ) ( سورة الأنعام : 116 ) .
ثم إن غالب هذه الاحتفالات بالموالد مع كونها بدعة لا تخلو من اشتمالها على منكرات أخرى ؛ كاختلاط النساء بالرجال ، واستعمال الأغاني والمعازف ، وشرب المسكرات والمخدرات ، وغير ذلك من الشرور ، وقد يقع فيها ما هو أعظم من ذلك وهو الشرك الأكبر ، وذلك بالغلو في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو غيره من الأولياء ، ودعائه والاستغاثة به وطلبه المدد ، واعتقاد أنه يعلم الغيب ، ونحو ذلك من الأمور الكفرية التي يتعاطاها الكثير من الناس حين احتفالهم بمولد النبي صلى الله عليه وسلم وغيره ممن يسمونهم بالأولياء .
وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إياكم والغلو في الدين ، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين " ، وقال صلى الله عليه وسلم : " لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم إنما أنا عبده ، فقولوا : عبد الله ورسوله " أخرجه البخاري في صحيحه من حديث عمر رضي الله عنه .
ومن العجائب والغرائب : أن الكثير من الناس ينشط ويجتهد ي حضور هذه الاحتفالات المبتدعة ، ويدافع عنها ، ويتخلف عما أوجب الله عليه من حضور الجمع والجماعات ، ولا يرفع بذلك رأساً ، ولا يرى أنه أتي منكراً عظيماً ، ولا شك أن ذلك من ضعف الإيمان وقلة البصيرة ، وكثرة ما ران على القلوب من صنوف الذنوب والمعاصي ، نسأل الله العافية لنا ولسائر المسلمين .
ومن ذلك : أن بعضهم يظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحضر المولد ؛ ولهذا يقومون له محيين ومرحبين ، وهذا من أعظم الباطل وأقبح الجهل ، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يخرج من قبره قبل يوم القيامة ، ولا يتصل بأحد من الناس ، ولا يحضر اجتماعاتهم ، بل هو مقيم في قبره إلى يوم القيامة ، وروحه في أعلى عليين عند ربه في دار الكرامة ، كما قال الله تعالى في سورة المؤمنون ( 15 ـ 16 ) : ( ثم إنكم بعد ذلك لميتون * ثم إنكم يوم القيامة تبعثون ) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أنا أول من ينشق عنه القبر يوم القيامة ، وأنا أول شافع ، وأول مُشَفَّعٍ " عليه من ربه أفضل الصلاة والسلام .
فهذه الآية الكريمة والحديث الشريف وما جاء في معناهما من الآيات والأحاديث ، كلها تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الأموات إنما يخرجون من قبورهم يوم القيامة ، وهذا أمر مجمع عليه بين علماء المسلمين ليس فيه نزاع بينهم ، فينبغي لكل مسلم التنبه لهذه الأمور ، والحذر مما أحدثه الجهال وأشباههم من البدع والخرافات التي ما أنزل الله بها من سطان . والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا به .
أما الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي من أفضل القربات ، ومن الأعمال الصالحات ، كما قال تعالى : ( إن الله وملائكته يصلون على النبي يآ أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً ) ( سورة الأحزاب : 56 ) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " من صلى عليَّ واحدة صلى الله عليه بها عشراً " ، وهي مشروعة في جميع الأوقات ، ومتأكدة في آخر كل صلاة ، بل واجبة عند جمع من أهل العلم في التشهد الأخير من كل صلاة ، وسنة مؤكدة في مواضع كثيرة ، منها بعد الأذان ، وعند ذكره عليه الصلاة والسلام ، وفي يوم الجمعة وليلتها ، كما دلت على ذلك أحاديث كثيرة .
والله المسؤول أن يوفقنا وسائر المسلمين للفقه في دينه والثبات عليه ، وأن يمن على الجميع بلزوم السنة والحذر من البدعة ، إنه جواد كريم .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وآله وصحبه .
......................
رسالة " حكم الاحتفال بالمولد النبوي "

الشيخ الإمام عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله
( https://saaid.net/mktarat/Maoled/0.htm)
........................................................
..........................................................

إبطال الاستدلال بقصة أبي لهب وثويبة على الاحتفال بالمولد.
الحمدلله و الصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد

فقد أرسل لي بعض الإخوة رسالة مصورة يسأل عن الجواب عما فيها وهو:
“روى البخاري عن سيدنا العباس بن عبد المطلب أنه رأى أبا لهب في النوم في شر حال فساله عن حاله فقال حالي كما ترى الا أنني أسقى كل يوم اثنين من نقرة اصبعي هذا أسقى منه ماء قال العباس: لماذا؟ قال أبو لهب لأنني أعتقت ثويبة الجارية لما أخبرتني بمولد محمد (صلى الله عليه وسلم).
وفي هذا يقول الحافظ شمس الدين ابن نصر الدين الدمشقي :
إذا كان هذا كافر جاء ذمه بتبت يداه في الجحيم مخلدا
أتى أنه في يوم الاثنين دائما يخفف عنه للسرور بأحمدا
فما الظن بالعبد الذي طول دهره بأحمد مسروراً ومات موحدا)
فأقول مستعينا بالله:
القصة أخرجها عبد الرزاق في المصنف (7/477) والبخاري في صحيحه (7/9) : قال عروة: “وثويبة مولاة لأبي لهب: كان أبو لهب أعتقها، فأرضعت النبي صلى الله عليه وسلم، فلما مات أبو لهب أريه بعض أهله بشر حيبة، قال له: ماذا لقيت؟ قال أبو لهب: لم ألق بعدكم غير أني سقيت في هذه بعتاقتي ثويبة”. هذا لفظ البخاري ولفظ عبد الرزاق:
قال عروة: ” وكانت ثويبة مولاة لأبي لهب، كان أبو لهب أعتقها، فأرضعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما مات أبو لهب رآه بعض أهله في النوم، فقال له: ماذا لقيت؟ – أو قال: وجدت؟ – قال أبو لهب لم ألق أو أجد بعدكم رخاء أو. قال: راحة غير أني سقيت في هذه مني لعتقي ثويبة وأشار إلى النقرة التي تلي الإبهام والتي تليها “
وعند النظر في هذه القصة نجد ما يلي:
١- عروة هو ابن الزبير وهو تابعي لم يدرك أبا لهب فالخبر مرسل منقطع وليس متصلاً والانقطاع من أسباب ضعف الحديث كما هو معلوم.
٢- ليس في الخبر أن الذي رآه العباس إنما بعض أهله.
٣- ليس في الخبر أن أبا لهب أعتقها لأجل أنها بشرته بمولد النبي صلى الله عليه وسلم. ولا حتى لكونها أرضعت النبي صلى الله عليه وسلم إنما فيه أنه أعتقها وأنها أرضعت النبي صلى الله عليه وسلم.
٤- ليس في الخبر ذكر يوم الاثنين ولا ذكر ولادته صلى الله عليه وسلم.
٥- أنه على فرض ثبوته حكاية منام ليست قرآنا ولا سنة ثابتة ولا إجماعاً فكيف يصح أن يحتج بالمنام ويجعل دليلاً على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي.
٦- أنه قد ثبت قطعاً أن الكافر لا ينتفع بالأعمال التي يعملها تقرباً إلى الله إذا مات على الكفر كما تعالى (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجلعناه هباءً منثوراً) فكيف يسوغ أن يعارض القرآن أو يخصص بحلم لم يثبت بسند صحيح ولا يُدرى من رآه أمسلم أم كافر؟!.

٧- أما الأبيات المذكورة فهي مبنية على هذه القصة وقد سبق أنها ليست بصحيحة.
هذا وأسأل الله تعالى التوفيق لقول الحق والصدق والعمل به، وأعوذ بالله من الهوى والزيغ وتحريف الكلم عن مواضعه نصرة للباطل وإماتة للحق والله أعلم
قناة الشيخ علي الحدادي
---------------

شاركه على جوجل بلس

عن الكاتب العلوم الشرعية

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق